إرباكٌ في “تيّار المستقبل”: إستبعاد سليمان وفتفت له محاذيره
منتصف شهر تشرين الأوّل/إكتوبر الفائت، تسرّبت معلومات عن أنّ الرئيس سعد الحريري يدرس إحتمال الإستغناء عن ترشيح نوّاب وشخصيات سياسيّة محسوبة على تيّاره على لوائح التيّار الأزرق في الشّمال، ومن هؤلاء النّائب محمد سليمان في دائرة الشمال الأولى في عكّار، والنّائب سامي فتفت في الضنّية ضمن دائرة الشّمال الثانية التي تضم أيضاً طرابلس والمنية.
مقرّبون من تيّار المستقبل أوضحوا لـ”أحوال” أنّ “فكرة إستبعاد سليمان عن لائحة التيّار نبعت من مبدأ مداورة مقعد منطقة وادي خالد (مسقط رأس سليمان) في عكّار في اللائحة، بينه وبين مرشّح آخر، بهدف إرضاء الشّخصيات السّياسية الكثيرة المحسوبة والمقرّبة من التيّار، وأحد هؤلاء النّائب السّابق محمد يحيى”.
غير أنّ هذه الفكرة سرعان ما طُويت بعدما أبلغ سليمان من يعنيهم الأمر في قيادة التيّار الأزرق أنّه “في حال استبعاده عن لائحته، فإنّه سيتحالف مع اللائحة التي ستنافس التيّار في عكّار”؛ وبعدما راجع “القياديون الزرق” حساباتهم على الورق، تبيّن لهم أنّ استبدال سليمان بيحيى لا تصبّ لمصلحتهم، كون الأوّل نال في دورة إنتخابات 2018، 14911 صوتاً تفضيلياً، بينما حصل يحيى الذي كان على لائحة “التيّار الوطني الحرّ” على 8144 صوتاً تفضيلياً.
الأمر ذاته إنسحب على فتفت، الذي أفادت المعلومات السّابقة بأنّ الحريري يُفكّر في الإستغناء عنه وفي ترشيح شخصية مستقبلية أخرى مكانه في الضنّية، من أجل إرضاء شخصيات مستقبلية كثيرة تطمح في تبنّي التيار ترشيحها، ما دفع فتفت إلى البحث عن خيارات أخرى ممكنة، منها تحالفه مع الوزير السّابق أشرف ريفي وتشكيل لائحة إنتخابية مشتركة معه بالتحالف مع آخرين، بهدف خوض الإنتخابات النّيابيّة المقبلة، وأنّ مشاورات جدّيّة تجري بينهما، لكنّ شيئاً نهائياً لم يُحسم بعد، بانتظار القرار النّهائي للحريري، وأنّ النّائب السّابق أحمد فتفت، والد سامي، هو الذي يرعى هذه المفاوضات مع ريفي.
عندما نُشرت هذه المعلومات قبل نحو شهر تقريباً، سارع مسؤولون في “تيّار المستقبل” ومقرّبون من فتفت إلى نفيها واعتبارها فبركات لا أساس لها من الصحّة، لكنّ مصادر سياسيّة مطلعة أكّدت لـ”أحوال” أنّ “المعلومات المُسرّبة صحيحة بالكامل، وأنّ النّائب السّابق أحمد فتفت عندما تبلّغ بها، أرسل إلى الحريري رسالة عبر وسيط، هو الرئيس فؤاد السّنيورة، أبلغه فيها أنّه في حال استبعاد نجله عن لائحة “تيّار المستقبل”، فإنّه لن يتردّد في التحالف مع ريفي في لائحة إنتخابية واحدة”.
تلويح فتفت الأبّ للحريري بهذا الخيار، جعل فكرة إستبعاد فتفت الإبن عن لائحة “تيّار المستقبل” مستبعدة خلال الوقت الحالي، خصوصاً بعدما تبيّن للقيادة الزرقاء أنّ تحالف فتفت مع ريفي سيؤدّي إلى نكسة كبيرة لتيّار المستقبل في دائرة الشّمال الثانية.
ووفق نتائج دورة إنتخابات عام 2018، نال ريفي في طرابلس 5931 صوتاً تفضيلياً، وفتفت 7943 صوتاً تفضيلياً في الضنّية، أيّ ما مجموعه 13874 صوتاً تفضيلياً، برقم يزيد على الحاصل الإنتخابي الأوّل في هذه الدائرة، الذي بلغ عامذاك 13311 صوتاً تفضيلياً، ما يعني أنّ تحالف ريفي وفتفت الإبن ـ في حال حصوله ـ سيحصل بلا شكّ على حاصلٍ إنتخابي واحد بالحدّ الأدنى، وأنّ هذا التحالف إذا شارك به مرشّحون آخرون لهم وزنهم وحضورهم الشّعبي في مناطقهم، ولو نسبياً، فإنّه قادر على المنافسة من أجل انتزاع حاصلٍ إنتخابي ثانٍ، سيكون على حساب تيّار المستقبل تحديداً.
هذه الحسابات الإنتخابية المُعقّدة والمُحرجة لتيّار المستقبل، جعلت الكلّ بانتظار عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان من أجل حسم الجدل الدّائر حول الإنتخابات النّيابيّة المقبلة، بالتزامن مع استشعار قيادات زرقاء تراجع حضور تيّارهم شعبياً في مختلف المناطق، ما دفع أحدهم في الإشارة لـ”أحوال” إلى أنّه “نعرف جيداً أنّ جميع التيّارات والأحزاب تراجعت شعبيتها، ونحن منها”، لافتاً إلى أنّ “المقاعد النّيابيّة الـ17 التي حصدناها في دورة الإنتخابات الماضية لن نحصل عليها في الإنتخابات المقبلة، وأنّ الرقم سيتراجع إلى 10 ـ 12 مقعداً في أحسن الأحوال”.
عبد الكافي الصمد